شجاعة عثمان بن عفان

بسم الله الرحمن الرحيم

إن أشجع الرجال هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان بين الناس رجلا وكان بين الرجال بطلا وكان بين الأبطال مثلا وكان بين الناس محمدا سيد الأولين والآخرين ولا يوجد على ظهر الأرض رجلا أشجع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس هناك وجه مقارنة بينه وبين أي مخلوق على وجه الأرض وستكون شجاعته الكبرى يوم القيامة عندما يقف الناس ينتظرون بدء الحساب فيذهب الناس لآدم يطلبون الشفاعة فيقول لست لها اذهبوا إلى نوح ويقول نوح لست لها اذهبوا إلى إبراهيم ويقول إبراهيم لست لها اذهبوا إلى موسى ويقول موسى لست لها اذهبوا إلي عيسى ويقول عيسى لست لها اذهبوا إلى محمد فلا يتشجع أحد من الأنبياء أن يقف أمام الله جل في علاه سوى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول بأعلى صوته أنا لها أنا لها ثم يخر تحت عرش الرحمن ساجدا ويدعو الله بكلمات لم يدعو بها أحد من قبل فيقول له الله سبحانه وتعالى يا محمد ارفع رأسك واطلب ما تشاء ولشفع تشفع فيطلب من الله أن يبدأ الحساب فيبدأ الله في حساب جميع الخلق

ومواقف الشجاعة لصحابة رسول الله كثيرة أردنا أن نذكر منها موقفا واحدا على سبيل المثال لا الحصر وهي :

1- شجاعة أبو بكر الصديق رضي الله عنه
رغم أن أبو بكر الصديق رضي الله عنه كان نحيف الجسم ضئيل الحجم إلا أنه كان أشجع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بشهادة علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما سؤل من أشجعكم وكان السائل ينتظر من علي أن يقول أنا ولكن فوجئ بأنه رضي الله عنه يقول أشجعنا أبو بكر وقال علي رضي الله عنه لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش فهذا يجبهه وهذا يتلتله وكان يطوف بالبيت فأخذه أبو جهل بإزاره فجبذه وأخذه أبي بن خلف عليه غضب الله فتفل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عليه وكان الذي قتله رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده
وكان أبو بكر يبكي حوله ويقول أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ [غافر:28] فقال علي والله ما دنا منا أحدا إلا أبو بكر يضرب هذا ويجبه هذا ويتلتل هذا دفاعا عن رسول الله

2- شجاعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه إلى المدينة كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه موجودا بمكة فبعد أن اطمأن على وصول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أراد رضي الله عنه أن يلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت هجرته نصرا
أخرج ابن عساكر في تاريخه (44/51-52) وابن السمان في الموافقة ، انظر : شرح المواهب (1/319) و سيرة الصالحين (3/315) وابن الأثير في أسد الغابة (4/152) ، عن علي رضي الله عنه أنه قال : ( ما علمت أن أحداً من المهاجرين هاجر إلا مختفياً ، إلا عمر بن الخطاب ، فإنه لم هم بالهجرة تقلد سيفه و تنكب قوسه وامتطى وفي يده أسهماً واختصر عَنزته ، ومضى قبل الكعبة ، والملأ من قريش بفنائها ، فطاف بالبيت سبعاً متمكناً ، ثم أتى المقام فصلى متمكناً ، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة وقال لهم : شاهت الوجوه ، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس – الأنوف – ، من أراد أن تثكله أمه و يويتم ولده أو ترمل زوجته ، فليلقاني وراء هذا الوادي ، قال علي : فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين ، علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه )

3- شجاعة عثمان بن عفان رضي الله عنه
كان جهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمال فجهز جيش العسرة في عزوة تبوك واشترى بئر رومه ليشرب منه المسلمين ولكن شجاعته رضي الله عنه كانت عند موته عندما حاصره في بيته طائفة كبيرة من أوباش الأمصار ليقتلوه وكان يومها صائما فغفت عيناه لحظة قبل استشهاده فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له يا عثمان إن شئت نجيناك وإن شئت تفطر عندنا الليلة فكان من شجاعته رضي الله عنه أن فضل الإفطار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم على نجاته

4- شجاعة علي بن أبي طالب رضي الله عنه
لا أحد ينكر أن جميع مواقف علي بن أبي طالب كانت كلها شجاعة بداية من نومه في فراش النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن نذكر موقفا من شجاعته وكان في غزوة الخندق فبعد أن حفر المسلمين خندقا كبيرا حول المدينة وكان ذلك بمشورة سلمان الفارسي رضي الله عنه فلم يستطيع أحدا من المشركين عبور الخندق إلا واحدا من عتاة المشركين اسمه عمرو بن عبد ود كان قوي الجسم حديد البصر حديد اللسان كان يقاس بمائة مقاتل ما قاتل أحدا إلا صرعه وكان صورة من أبو جهل استطاع أن يعبر الخندق بفرسه ووصل إلى خيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم ونادى بأعلى صوته ( يا محمد أنت تقول أن قتلانا في النار وقتلاكم في الجنة فأنا اشتقت لدخول النار فهل أحدا منكم اشتاق لدخول الجنة فينازلني ) ففوجئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلي بن أبي طالب يقول ائذن لي يا رسول الله أن أقاتله فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه عمرو يا علي وأنت في ريعان شبابك وكان علي وقتها عنده ثلاثة وعشرون عاما فكرر على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أذن له ثم دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال اللهم إنك أخذت مني حمزة يوم أحد فلا تأخذ مني علي هذا اليوم ثم أعطاه صلى الله عليه وسلم سيفه وألبسه عمامته ثم خرج علي رضي الله عنه فلما رأى عمرو بن عبد ود غلاما هو الذي سينازله فقال له من أنت فقال علي بن أبي طالب فقال له استصغروك فأرسلوك فرد عليه علي بكل لباقة وقال له بل استحقروك فأرسلوني لأنك لا تستحق واحدا منهم فقال له عمرو إن أباك كان صديقي وأنا لا أريد أن أفجع أباك فيك فرد عليه علي وقال له سأطلب منك ثلاثة أشياء قال له عمرو هات الأولى قال له أن تشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله فرد عليه قائلا لا أقولها ولو كانت رأسي في قاع جهنم هات الثانية قال له أن ترجع وتكف عن إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه قائلا لو رجعت فيقولون إن غلاما صغيرا ضحك عليك هات الثالثة فقال له علي أن تنازلني وأنت راكب فرسك وأنازلك وأنا واقف على الأرض وبدأت المعركة واشتدت وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم يسمعون صرخة عالية فإذا برأس المشرك على سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم في يد علي

5- شجاعة بلال بن رباح رضي الله عنه
من شجاعة بلال بن رباح رضي الله عنه أنه ثالث رجل جهر بالإسلام في مكة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه رغم أنه كان عبدا عند أمية بن خلف فكان يضع الحجر صدره في شدة الحر والشمس في وقت القيلولة ويقول له اكفر بإله محمد يا بلال فيقول أحد أحد وفي غزوة بدر عندما رأى بلال أمية بن خلف في أرض المعركة هتف بلال بأعلى صوته أمية بن خلف رأس الشرك لا نجوت إذ نجا وانقض عليه بسيفه فقضى عليه

6- شجاعة عبد الله بي مسعود رضي الله عنه
من شجاعة عبد الله بن مسعود أنه أول صحابي جهر بقراءة القرآن في مكة رغم أنه كان نحيف الجسم ضئيل الحجم إلا أنه كان يجلس في الكعبة ويقرأ القرآن بصوت عالي فينهال عليه المشركين ضربا حتى يغشى عليه ويفقد الوعي وبعد أن يفيق من غشيته يعاود قراءة القرآن مرة أخرى وفي غزوة بدر وهو يمشي بين قتلى المشركين وجد أبو جهل ملقى على الأرض وما زالت به روحه فسأله أبو جهل لمن الغلبة اليوم فقال له لله ورسوله فوقف بقدميه على صدر أبو جهل فقال له أبو جهل لقد ارتقيت مكانا عاليا يا رويعي الغنم فضربه عبد الله بن مسعود بسيفه ضربة فصلت رأسه عن جسده ثم ربط رأس أبو جهل من أذنه وأتى بها لرسول الله صلى الله عليه وسلم

ونكتفي بهذا القدر من مواقف الشجاعة لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن نكمل باقي الصحابة في الحلقات القادمة إن شاء الله
وفقني الله وإياكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته