خلق الله تعالى الناس وجعل بعضهم مرتبطاً ببعض فى معشهم وحياتهم ، وجعل سبحانه من حكمته أن البشر بحاجة الي من يسوسهم ويتولى أمرهم ويقوم على شؤونهم ، ولا يصلح حالهم ولا تستقيم حياتهم الا بتنظيم أمورهم التى يرعاها ويقوم بها ولي امرهم وامامهم ، وكلما اتستعت رقعة المجتمع زادت الولايات الصغيرة التي تحت الولاية الكبرى ، فاذا لم يكن للمجتمع قائد يتولى أمره وأمام يسمع ويطاع مال المجتمع الى الفرقة والتناحر ، هكذا كانت المجتمعات قبل الاسلام على ضعف واختلاف فجاء الاسلام فنظم الواقع تنظيماً دقيقاً وحوله من عادات واعراف الى دين يدينون به وجعل للامام حقوقاً على الرعية وللرعية حقوقاً على الامام بتفصيل دقيق لم تعرف له البشرية مثيل
المراد بالراعي
الراعي هو الأمام سواء كان صاحب ولاية كبرى أو صغرى ، فالوزير راعي والمدير راعي
فعن عمر بن الخطاب أن رسول الله قال كلكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته فالامام راعي ومسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولة عن رعيتها والخادم فى مال سيده راع ومسؤول عن رعيته
حقوق الراعي
لكي ينظم أمر الرعية ويقوم شأنها وتستقيم حياتها لابد أن تقوم بحقوق الرعي حق قيامه وهي
السمع والطاعة قال تعالى يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فهذه الطاعة تكون في جميع الاحوال من يسر وعسر ومن محبة وكره ما لم يأمر الراعي بمعصية لله عند ذلك لا طاعة لمخلوقفى معصية الخالق
الاجتماع على الوالي وعدم الفرقة الاختلاف عليه وكلما زاد اجتماع الامة على الوالي قويت شوكتها وزادت مهابتها واطمأن الناس وشاع الأمن
النصرة والجهاد معه والدعاء له قال الفضيل بن عياض لو أن لي دعوة مستجابة لجعلتها للامام لان صلاح الامة في صلاحة
النصيحة له فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يرضى لكم ثلاث ويسخط لكم ثلاث ، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً ، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ، وأن تناصحوا من ولى الله أمركم الحديث
عدم الخروج عليه عن ابن عباس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأى من أميره شئ يكرهه فليصبر ، فأن من فارق الحماعة شبراً فمات فمييته جاهلية
حقوق الرعية
كما أن للراعي حقوق فللرعية حقوق منها
الحكم بينهم بشرع الله حيث قال الله سبحانه وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع اهواءهم وأحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك
النصح للرعية من حق الرعية أن ينصح لهم الراعي في كل أموره ويجتهد في ذلك ويبذل معهم وسع جهده فقد روى الشيخان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة
الرفق والرأفة بهم فعن أم المؤمنين عائشة قال سمعت رسول الله يقول اللهم من ولى من أمتي شيئاً فشق عليهم فأشقق عليه ، ومن ولى من أمتي شيئاً فرفق بهم فأرفق به
إقامة العدل فيهم حيث قال سبحانه إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاى ذي القربى
آثار القيام بحقوق الراعي والرعية
في ذلك الاجر العظيم والثواب الجزيل إذ أن الجميع مأجورون لطاعتهم لله وتنفيذهم لامره.
فى تلاحم الرعية مع الراعي تمكن القوة وتُعز الامة وتقوي شوكتها ويهابها عدوها .
العلاقة الجيدة للراعي ورعيته تنشر الأمن والرخاء ويعم الخير والنفع سائر البلاد .
فى تعاون الراعي والرعية لا ينفذ العدو فى صفوفهم فهذه سنه الله فى خلقه .
أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين