[center]يوشكيفيتش – أول مؤرخ للرياضيات العربية في روسيا
بقلم الدكتور محمود الحمزة
مقدمة:
تمتد العلاقات الثقافية والروحية بين روسيا والعرب إلى مئات السنين. ومعروفة أسماء العشرات من أبرز المستشرقين والمستعربين الروس الذين درسوا الثقافة العربية والإسلامية والمسيحية وأحبوها ونشروها بين المثقفين الروس.
وبالرغم من أن الاهتمام بتاريخ الرياضيات في أوساط علماء الرياضيات الروس برز بوضوح في الثمانينات من القرن التاسع عشر للميلاد إلا أن التطور الواسع والحقيقي للدراسات في تاريخ الرياضيات مقترن مع بداية العهد السوفييتي. فقد انطلقت الأبحاث العلمية لفهم التغيرات الاجتماعية. وكذلك تركزت جهود العلماء تحت تأثير إيديولوجي على تطوير العلوم المختلفة وخاصة النظرية منها وفي مقدمتها الرياضيات. وقاد ذلك إلى الاهتمام بتاريخ تلك العلوم وفلسفتها. ولعب التطور الهائل العميق والواسع للعلوم الرياضية في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين إلى تشكيل أحد أبرز المراكز العلمية في العالم وهو المدرسة السوفييتية في الرياضيات.
أما مدرسة تاريخ الرياضيات السوفييتية فقد نشأت في رحاب جامعة موسكو الحكومية. وبالذات في كلية العلوم الرياضية والفيزيائية – قسم الرياضيات في أواسط العشرينات. ففي هذه الفترة بدأت ص. يانسكايا (1896 – 1966) و م. فيغودسكي (1898 – 1965) نشاطاً كبيراً في إحياء الدراسات في تاريخ الرياضيات والتي انقطعت بعد وفاة مؤرخ الرياضيات المعروف ف. بوبينين (ق19-20). وبداية نظمت يانسكايا في 1925 حلقة بحثية (سيمينار) في تاريخ الرياضيات والفيزياء وفلسفتهما. أما فيغودسكي فقد دافع في جامعة موسكو عن أول رسالة دكتوراه في تاريخ الرياضيات في الحقبة السوفييتية وعنوانها: "أفلاطون الرياضي"، وبدأ بإلقاء محاضرات في تاريخ الرياضيات في أوائل الثلاثينات من القرن العشرين.
ولم يكن تأسيس المدرسة السوفييتية لتاريخ الرياضيات صدفة. فقد جاءت على خلفية الأزمة العميقة التي تعرضت لها أسس الرياضيات في العشرينات من القرن العشرين. ومعروف أن هذه الأزمة التي هزت أسس الرياضيات تولدت في أحشاء نظرية المجموعات والدوال الحقيقية في بدايات القرن العشرين. وقد تميزت أيضاً تلك المرحلة بصراع قوي بين الاتجاهات المنطقية عند برتراند راسل والشكلية عند هيلبرت والحدسية عند براور – فيل. وفي روسيا برز ن. لوزين (1883–1950) في ريادة التيار المحدث لطريقة التفكير الرياضي وفلسفة الرياضيات.
ويمكن تلخيص اتجاهات بحوث يوشكيفيتش الأساسية في الآتي:
- تاريخ أسس التحليل الرياضي
- تاريخ الرياضيات في روسيا
- تاريخ الرياضيات في القرون الوسطى وخاصة الرياضيات العربية
- دراسة مؤلفات أويلر.
وسنركز في بحثنا هذا على مساهماته القيمة في تاريخ الرياضيات العربية:
باكورة أعمال يوشكيفيتش وأول بحث علمي في روسيا عن تاريخ الرياضيات العربية كان بحثه الموسوم: "الجبر عند عمر الخيام" الذي كتبه قبيل الحرب العالمية الثانية لكنه رأى النور فقط في عام 1948. وفي حينها رحب المستعرب المعروف الأكاديمي إ. كراتشكوفسكي (1883-1951) بهذا البحث واقترح على يوشكيفيتش أن يتعلم اللغة العربية ويتابع هكذا أبحاث. وقد كان كراتشكوفسكي من محبي الثقافة العربية والإسلامية وأشار ليوشكيفيتش على كنوز العلوم العربية والإسلامية المحفوظة في مكتبات روسيا. لم يتعلم يوشكيفيتش العربية إلا قليلاً لكنه أسس مدرسة لدراسة الرياضيات العربية وهذا جهد عظيم فتح الطريق على مصراعيه للاستعراب العلمي الروسي. وكان عالم الهندسة المعروف ب. روزنفلد أول من انخرط في عام 1951 في هذه المدرسة وقدم فيما بعد إسهاماً عظيماً في مجال دراسة العلوم العربية. أما في طشقند في عام 1959 فقد بدأت العالمة غ. ماتفييفسكايا بدراسة الرياضيات العربية وقدمت للمكتبة العلمية مئات البحوث القيمة في تاريخ الرياضيات العربية ومن أهم أعمالها كتاب "دراسات في العدد في الشرق الأوسط والأدنى القروسطي" الذي صدر عام 1962. كما قدمت م. روجانسكايا أبحاثاً هامة في تاريخ الميكانيكا العربية. وكل هؤلاء الباحثين بالإضافة لغيرهم عملوا تحت الإشراف المباشر أو غير المباشر ليوشكيفيتش.
ومن أهم أعمال يوشكيفيتش "نظرية الخطوط المتوازية" بالاشتراك مع روزنفلد والتي ترجمت إلى العربية من قبل أ.د. سامي شلهوب في معهد التراث العلمي العربي في حلب عام 1989.
أما كتابه "تاريخ الرياضيات في القرون الوسطى" الذي صدر عام 1961 والذي ترجم إلى 6 لغات، فهو من أهم أعماله . وهذا الكتاب القيم يحتوي على فصل عن الرياضيات في البلاد الإسلامية. ويحتوي الكتاب على 4 فصول في تاريخ الرياضيات: في الصين والهند والبلاد الإسلامية وأوروبا القروسطية. ونشير هنا إلى أن بحوثه حول الرياضيات الصينية فتحت عيون الباحثين في العالم على دور الصينيين في تطور الرياضيات وأثرهم في الحضارة الإنسانية وبذلك كانت له الريادة في هذا المجال.
كما أشاد مؤرخ العلوم المصري-الفرنسي الكبير البروفيسور رشدي راشد بتميز أبحاث يوشكيفيتش ومكانتها القيمة عن الرياضيات العربية. ويقول مؤرخ العلوم التركي-الألماني البروفيسور فؤاد سيزغين في موسوعته الشهيرة "تاريخ التراث العربي" عن يوشكيفيتش: " يجب أن نبرز بشكل خاص الانجاز الهائل الذي قدمه يوشكيفيتش في الفصل الثالث من كتابه "تاريخ الرياضيات في القرون الوسطى" عن الرياضيات العربية. ومما يؤكد أهمية هذا العمل ذكره المتكرر في الأبحاث في كل العالم كمصدر هام في تاريخ الرياضيات العربية.
أما بحثه عن الرياضيات العربية المتضمنة في هذا الكتاب فقد ترجم في السبعينات مع التعديلات إلى اللغة الفرنسية والألمانية ولاقى ترحيباً وتقديراً كبيرين في الأوساط العلمية في العالم. وهناك فكرة لترجمته إلى العربية بالتعاون مع زملاء من معهد التراث العلمي العربي في حلب.
محتويات كتاب الرياضيات في البلاد الإسلامية:
1. معلومات تاريخية عن تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وفي مجال الرياضيات أيضاً في الدول العربية والإسلامية في القرون الوسطى. وتحدث عن أوضاع علماء الرياضيات في تلك الفترة ومعاناتهم نتيجة الصراعات على السلطة بين القوى المختلفة. ويتوقف عند التطور الواسع والعميق للرياضيات في مشرق العالم الإسلامي ومغربه بما فيه الأندلس. ويشير يوشكيفيتش إلى أن مصطلح الرياضيات العربية أو الإسلامية له نواقص. فالنظريات الرياضية هي نتيجة لعبقرية علماء من مختلف القوميات والديانات لكنهم كتبوا باللغة العربية وعاشوا وعملوا في ظل الدولة العربية الإسلامية. وهذا ما يبرر التسميات المختلفة.
2. انتشار نظام الترقيم العشري الموضعي (المنازل)
3. الكسور
4. مخطوطة الجبر للخوارزمي
5. القاعدة الثلاثية
6. قاعدة الخطأين
7. الهندسة في أعمال الخوارزمي
8. المخطوطات الجبرية لأبي كامل والكرجي
9. مسائل نظرية الأعداد
10.تطور نظام الترقيم الموضعي . الكسور العشرية
11. استخراج الجذور وصيغة ثنائي حد نيوتن
12. الأعداد اللانسبية (غير القياسية أو الصماء) ونظرية النسب
13. المسائل الهندسية والمعادلات التكعيبية
14. النظرية الهندسية للمعادلات التكعيبية لعمر الخيام
15. الترميز الجبري للقلصادي
16. مسائل الهندسة . أبو الوفاء
17. نظرية المتوازيات
18. القطوع المخروطية. استخدام التقريب إلى مكعبات في حساب الحجوم (دراسة اللامتناهيات في الصغر)
19. تطور علم المثلثات
20. علم المثلثات الكروي
21. رسالة الرباعي التام لنصير الدين الطوسي
22. الجداول المثلثية
23. قياس محيط الدائرة لغياث الدين الكاشي
24. الحل الجبري لمعادلة تثليث الزاوية
25. تأثير الرياضيات العربية على العلوم في أوروبا الغربية [5]
ومن قراءة الكتاب نلاحظ ما يلي:
-يحتوي الكتاب على مقولة هامة طرحها يوشكيفيتش ومفادها أن رياضيات االقرون الوسطى ومنها العربية تعتبر جزءاً أساسياً وجوهرياً في تطور الرياضيات العالمية وبذلك فقد أنصف يوشكيفيتش الرياضيات العربية وأعطاها حقها من حيث هي رياضيات إبداعية وفيها نظريات جديدة وأن العرب لم يكونوا مجرد مترجمين ونقلة للعلوم القديمة بل أنهم أصحاب علوم جديدة وأن العلوم العربية شكلت أساساً للنهضة الأوروبية.
كما توصل يوشكيفيتش إلى استنتاجات مهمة بعد دراسته لتاريخ الرياضيات في الفترة من القرن الثالث حتى القرن السادس عشر في بلاد الشرق: في الصين والهند واليونان والعالم الإسلامي وأوروبا. حيث أكد على وحدة هذه الرياضيات في المواضيع التي طرقت وتشابه الأساليب الرياضية بالرغم من تنوع الأماكن الجغرافية. ويوضح يوشكيفيتش أسباب تلك الظاهرة بالتشابه في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في بلدان الشرق وبالترابط الوثيق والتداخل بين بلدان الشرق في مختلف المجالات. وأثبت يوشكيفيتش أن رياضيات الشرق في القرون الوسطى تتميز بأصالتها ومستواها العالي وأكد على الأهمية الخاصة لذلك في تطور العلوم بشكل عام. وفي عام 1966 قدم لمؤتمر الرياضيات الدولي المنعقد في موسكو بحثاً بعنوان "أبحاث في تاريخ الرياضيات في بلدان الشرق في القرون الوسطى: نتائج وآفاق".
مع ملاحظة أهمية دور العرب والمسلمين في حفظ التراث القديم وخاصة اليوناني منه وذلك كونهم ترجموا تلك العلوم إلى العربية فحفظوها من الضياع. وقد قدم البروفيسور رشدي راشد بحثاً قيماً لمؤتمر المخطوطات المترجمة ( أقامه مركز المخطوطات في مكتبة الإسكندرية في الفترة من 29 /5 حتى 1/6/2007 ) ناقش فيه مسائل مهمة منها أهمية النص المترجم لتحقيق النص الأصلي.
- عمق المعلومات وشمولها لكل ما كان معروفاً في ذلك الوقت عن المواضيع المعروضة في الكتاب.
- الاستنتاجات الهامة والجديدة فيما يتعلق بتطور الرياضيات ودور العلماء العرب بدقة في ذلك.
- استخدامه كماً هائلاً من المراجع العلمية في موضوع الكتاب. ومما ساعده في ذلك معرفته الواسعة للغات الأوروبية كالفرنسية والألمانية وغيرهما.
- ومن الملاحظات النقدية أن الكتاب مر على إصداره 46 سنة. وقد أصبحت بعض المعلومات قديمة. فهناك أبحاث حديثة نشرت وخاصة التي قدمها الدكتور رشدي راشد حول الكسور العشرية على أن السموأل المغربي (ق 12) هو من أدخلها لأول مرة وليس الكاشي (ق 16). وكذلك حول الرموز الجبرية هناك أبحاث لمحمد إبلاغ وأحمد جبار (المغرب العربي) تشير إلى أن ابن الياسمين (ق 12) هو أول من استخدمها وليس القلصادي من (ق 16).
عن بعض أعمال يوشكيفيتش الأخرى:
بالإضافة إلى مؤلفاته الكثيرة عن الرياضيات العربية وتحليلاته الغنية للدراسات التاريخية قدم أبحاثاً معمقة عن الجبر عند الخيام وكذلك القسم الحسابي والجبري عند الخوارزمي و عن مفتاح الحساب للكاشي وأعمال ثابت بن قرة والرسائل الهندسية لنصير الدين الطوسي وأبي الوفاء البوذجاني وغيرهم.
وقام بتعميم نتائج الدراسات في تاريخ الرياضيات من العصور القديمة وحتى ثلاثينات القرن العشرين. ومن أجل تنفيذ هذه المهمة اختار مجموعة من الباحثين المعروفين كروزنفيلد وباشماكوفا. وتم نشر ثلاثة مجلدات في هذا الموضوع. ففي عام 1970 طبع مجلدان: شمل الأول الفترة من العصور القديمة وحتى بداية العصر الحديث (بداية القرن السابع عشر)، أما الثاني فكرس للقرن السابع عشر. وأخيراً ظهر الجزء الثالث الذي غطى القرن الثامن عشر.
وقد حدد يوشكيفيتش الغاية الأساسية من المجلد الأول بالكلمات التالية: " كرس هذا الجزء من الكتاب
لعرض تاريخ تطور الرياضيات كعلم واحد متكامل. ولذلك احتل تاريخ المفاهيم الأساسية في الرياضيات وطرقها وخوارزمياتها وترابطها الداخلي وتطورها عبر
الزمن....وقد أخضعت لهذا الهدف جميع جوانب التطور التاريخي" . كما أن هذا المجلد حسب رأي يوشكيفيتش ينسجم ويخضع مع توجهات المدرسة السوفييتية في تاريخ الرياضيات وهي عرض الرياضيات في تطورها المستمر وديناميتها وتقدم طرق البحث في العلاقات الكمية والأشكال الفراغية للعالم الواقعي، وليس هذا فحسب بل التعامل مع الرياضيات كظاهرة اجتماعية. فالأفكار والتراكيب الرياضية تتطور وتعمم وهذا هو التطور الداخلي للرياضيات. لكن هذا التطور يحدث في شروط معينة وعلى أساس من النشاط العملي للناس. إذاً فهو مرتبط بالباحثين بعقليتهم وفلسفتهم وحتى أحياناً أخلاقياتهم. وسعى المؤلفون تحت الإشراف المباشر ليوشكيفيتش إلى النظر بروح جديدة إلى منجزات الرياضيات التي عادة ما تؤثر في الأبحاث المعاصرة وأحياناً توصلوا إلى استنتاجات جديدة في تاريخ الرياضيات.
وتجدر الإشارة إلى الاستفادة الواسعة في إعداد هذه المجلدات من آخر ما المكتشفات في تاريخ الرياضيات لكبار الباحثين في ذلك الوقت: ك. فوغل و و. نيغيباور و ب. فاندر فاردن و إ. كينيدي و م. فيجودسكي و ب. روزنفلد وإ. باشماكوفا وأ. يوشكيفيتش وغ. ماتفييفسكايا و م. روجانسكايا وغيرهم الكثير. كما شارك في كتابة هذه المجلدات كبار علماء الرياضيات الروس: أ. كولموغوروف و أ. غيلفوند و ب. غنيدينكه.
وأعقب تلك المجلدات عمل ضخم جديد "رياضيات القرن التاسع عشر" شارك في كتابته كبار الرياضيين الروس.
ولم يتمكن يوشكيفيتش من تنفيذ خطته التالية التي وضعها في بداية الثمانينات لكتابة تاريخ رياضيات القرن العشرين حتى نهاية الحرب العالمية الثانية بسبب رحيل كولموغوروف عام 1987 ورحيل يوشكيفيتش عام 1993. إضافة إلى انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 واتسمت هذه المرحلة بتدهور أوضاع العلم والعلماء الروس بشكل مخيف. فقد سرع ذلك في وفاة عدد كبير من مؤرخي الرياضيات كبار السن لأنهم لم يستطيعوا تحمل قسوة الزمن في فترة البيريسترويكا في التسعينات. برزت مشكلة لم يعرفها المجتمع السوفييتي من قبل وهي ندرة الكوادر الشابة التي تبحث في تاريخ الرياضيات وحتى في العلوم المختلفة. وبالرغم من هذه الظروف الصعبة التي ذكرناها لم تنقطع البحوث في تاريخ رياضيات القرن التاسع عشر والقرن العشرين.
وكان ليوشكيفيتش الفضل الأكبر في الإشراف المباشر على جميع أعداد مجلة قسم تاريخ الرياضيات في معهد تاريخ العلوم والتكنولوجيا التابع لأكاديمية العلوم الروسية وهي "أبحاث في تاريخ الرياضيات". هذه المجلة التي كانت تعد مجلة كل مؤرخي الرياضيات في الاتحاد السوفييتي وما زالت في روسيا ولها مكانة عالمية مرموقة وهي تصدر باللغة الروسية وتقدم ملخصات البحوث باللغة الإنكليزية (رئيس تحريرها الآن البروفيسور سيرغي ديميدوف).
كما أشرف يوشكيفيتش على نشاط قسم تاريخ الرياضيات في الاتحاد السوفييتي الوطني لتاريخ العلوم والتكنولوجيا وفلسفتها، وكان قد لعب دوراً حاسماً في تأسيس ذلك الاتحاد عام 1956.
أما المؤتمرات العلمية المتعددة المحلية منها والدولية فكانت تقام بتوجيه وإدارة يوشكيفيتش. وهو الذي اقترح إقامة مدارس تاريخ الرياضيات وهي عبارة عن لقاءات لمدة اسبوع في مكان هادئ يستطيع الباحثون فيه أن يناقشوا كل ما يريدونه في تاريخ الرياضيات وبنفس الوقت توجد برامج للعلماء للراحة في أرياف روسيا الجميلة.
كان متابعاً لكل جديد في أوروبا في تاريخ الرياضيات ويحرص على إخبار المشاركين في السيمينارات العلمية بنبذات عن هذه الكتب والأبحاث الجديدة.
من مراسلات يوشكيفيتش مع فوغل (ألمانيا):
صدرت مراسلاته مع المؤرخ الألماني المعروف ك. فوغل في كتاب باللغة الروسية والألمانية عام 1997. وقد وردت في هذه المراسلات لقطات مهمة حول الرياضيات العربية.
ففي الصفحة 45 من الكتاب يشير يوشكيفيتش إلى أن الرياضيات العربية لها طابع حسابي خوارزمياتي. وفي الصفحة 55 يلاحظ يوشكيفيتش أن تعميم مفهوم العدد ورد عند العلماء العرب كالخيام قبل ليوناردو البيزي.
في الصفحة 66 يؤكد يوشكيفيتش على أنه بالرغم من أن العرب كانوا تلامذة اليونانيين القدماء إلا أنهم- أي العرب- أسسوا علماً مختلفاً من حيث الجوهر عن العلم الكلاسيكي.
كما يتساءل يوشكيفيتش في الصفحة 68 عن العلاقة التاريخية في مجال العلم بين العرب والصينيين والخوارزميين. ويضيف أن المعلومات شحيحة في هذا المضمار.
يوشكيفيتش المربي والمعلم:
يعتبر يوشكيفيتش شيخ المؤرخين للرياضيات في الاتحاد السوفييتي منذ أواسط القرن العشرين وكل الباحثين في هذا المجال هم تلامذته إما بشكل مباشر أو غير مباشر. وفي كل الأحوال فهو مؤسس مدرسة تاريخ الرياضيات في روسيا ومن ضمنها الرياضيات العربية. فعلى بحوثه وكتبه تربت أجيال من الباحثين الذين أصبحوا ذوي شهرة عالمية.
كان شديد الاهتمام بطلبته الشباب وتمتع بقدرة عجيبة على اكتشاف مواهب الباحثين وتوجيههم في الاتجاه المناسب لقدراتهم. وبنفس الوقت كان صارماً وموضوعياً في تقييم أعمال تلامذته ولا يحب مجاملتهم على حساب العلم. وكان يميز بين العلاقات الشخصية والعلاقات العلمية ويشجع الطلاب على تعلم اللغات الأجنبية.
إن الباحثين العرب والأوروبيين يعرفون القليل عن شخصية يوشكيفيتش العلمية ونشاطاته الأكاديمية ومسيرة حياته المليئة بالإبداعات والعطاءات. وترى معظم الباحثين في تاريخ الرياضيات يستشهدون بكتاب يوشكيفيتش عن الرياضيات في البلاد الإسلامية لكن مؤلفاته العلمية وتعد بالمئات غنية بشكل لا يوصف بالمعلومات القيمة والآراء العميقة والاستنتاجات المبرهنة.
إن يوشكيفيتش هو واحد من أعظم مؤرخي الرياضيات في العالم وبالرغم من أنه لم يكن يعرف اللغة العربية ولا الصينية مثلاً إلا أنه كتب عن الرياضيات العربية والصينية أبحاثاً ليس لها مثيل.
وأخيراً أرى من واجبنا عرباً ومسلمين أن نحيي ذكرى هذا العالم الجليل الذي ساهم بإحياء التراث العلمي العربي والعالمي، بأن نقيم مؤتمراً مخصصاً لمسيرته العلمية ولشخصيته الفذة كعالم وإنسان وكأول مؤرخ للرياضيات العربية في روسيا.
لمحة عن السيرة الشخصية ليوشكيفيتش:
كان يحلم في صغره أن يصبح فيلسوفاً، لكن والده وكان متخصصاً في الرياضيات قال له: "إن الفيلسوف الذي يجهل الرياضيات فهو يجهل الفيزياء وبالتالي فهو لا يعرف العلوم الأساسية، وهو ليس بفيلسوف". إذاً لمعرفة الفلسفة لا بد من الرياضيات (وهذا الرأي قاله علماء كثر ومنهم الكندي الذي قال أن الفلسفة لا تنال إلا بالرياضيات وقبله أفلاطون في أكاديميته الشهيرة). وهكذا انتسب يوشكيفيتش إلى كلية الفيزياء والرياضيات في جامعة موسكو الحكومية سنة 1923.
درس يوشكيفيتش في الجامعة في فترة التطور العاصف للبحوث الرياضية وخاصة في مدرسة إيغوروف – لوزين في نظرية المجموعات والتحليل الحقيقي. وليس صدفة اهتمامه بأسس الرياضيات حيث كان يميل إلى النظرية الحدسية لبراور (ق 19-20) وقام بترجمة أعمال فيل (ق 19-20) في الفلسفة. تخرج من الجامعة في عام 1929. وكان خلالها يشارك في سيمينار تاريخ الرياضيات الذي يشرف عليه يانسكايا وفيغودسكي. وفيما بعد أصبح يوشكيفيتش أحد المشرفين الأساسيين على أعمال ذلك السيمينار.
في نهاية العشرينات برزت شخصية يوشكيفيتش (1906- 1993) في طليعة الباحثين في تاريخ الرياضيات في موسكو. كان يوشكيفيتش عالماً ملماً بكافة جوانب تاريخ الرياضيات . حصل على نتائج علمية أصيلة في تاريخ الرياضيات في القرون الوسطى وخاصة في الرياضيات العربية، وفي تاريخ أسس التحليل الرياضي، وفي تاريخ الرياضيات في روسيا، وفي دراسة أعمال ديكارت ونيوتن وليبنيتز وأويلر وأوستراغرادسكي.
أول عمل علمي له كان مكرساً لأسس التحليل الرياضي وهو عن ميتافيزياء حساب اللامتناهيات في الصغر لكارنو (ق 17-18) ثم تابع نشاطه في دراسة أعمال الرياضيين الكلاسيكيين كتحليل اللامتناهيات في الصغر للوبيتال (ق 17-18) وهندسة ديكارت ( ق 17-18 ) والحساب الشامل لنيوتن (ق 17-18) وغيرها. وكتب عشرات المقالات العلمية عن علماء الرياضيات للموسوعة السوفييتية الكبيرة.
كان يحب العمل ويعشق العلم. حياته منظمة. أحب الأدب الروسي وخاصة الشعر والموسيقى والرسم. شعراؤه المحببين كانوا بوشكين وغوته.
وقد لعبت شخصية أبيه – الفيلسوف والرياضي والكاتب الروسي المعروف ب. يوشكيفيتش الذي أحب تاريخ وفلسفة العلوم.وبالمناسبة فقد ذكر لينين في أحد مؤلفاته الفلسفية يوشكيفيتش الأب كمثال على الفلاسفة المثاليين.
يوشكيفيتش ونشوء المدرسة السوفييتية في تاريخ الرياضيات:
كانت موسكو هي مركز ولادة هذه المدرسة بالرغم من وجود مراكز علمية مماثلة أخرى في لينينغراد وكييف. وفي موسكو عمل أهم سيمينار في تاريخ الرياضيات في الاتحاد السوفييتي. كما صدرت في موسكو مجلة "أبحاث في تاريخ الرياضيات".
وأصبح يوشكيفيتش الرائد والملهم والمنظم البارع لمدرسة تاريخ الرياضيات ونال اعترافاً وتقديراً ليس في روسيا فحسب وإنما في العالم. كان ينظر بعيداً إلى المستقبل ولذلك وضع هدفاً استراتيجياً وهو تأسيس قاعدة للبحوث العلمية في مجال تاريخ الرياضيات.
في عام 1944 بدأ يوشكيفيتش رسمياً كأحد المشرفين على سيمينار تاريخ الرياضيات في جامعة موسكو الحكومية. وتحول هذا السيمينار بجهود يوشكيفيتش واهتمامه الهائل به، إلى مدرسة للطلاب ومركز تناقش فيه أهم المسائل التي تهم مؤرخي الرياضيات وتتخذ فيها القرارات. وبدعوة من يوشكيفيتش شارك في السيمينار علماء كبار كديودون وتاتون وغيرهما.
ولا يفوتنا أن نذكر أن بداية عمل يوشكيفيتش في معهد تاريخ العلوم والتكنولوجيا تعود إلى عام 1945. وفي عام 1968 تبلورت حول يوشكيفيتش مجموعة من الباحثين في تاريخ الرياضيات وفي مقدمتهم المتخصص الكبير في الهندسة ب. روزنفلد ومايستروف وميدفيديف وبيريوزكينا وبابلاوسكاس وفولودارسكي. وفي السبعينات انضم إليهم سلافوتين وديميدوف (رئيس قسم تاريخ الرياضيات الحالي في المعهد) وتوكاريفا وفي التسعينات التحق بهم زايتسف ولوتر.
انتخب يوشكيفيتش رئيساً للأكاديمية الدولية لتاريخ العلوم في الفترة 1965-1986. اكتسب شهرة علمية دولية وحاز على جوائز علمية هامة كميدالية سارتون وربطته علاقات صداقة علمية مع كبار مؤرخي الرياضيات في أوروبا مثل بيرمان وفينتر من ألمانيا، زوبوف وتاتون وراشد من فرنسا. كما انتخب عضواً في أكاديميات علمية في ألمانيا وأسبانيا وغيرهما.
بقلم الدكتور محمود الحمزة
مقدمة:
تمتد العلاقات الثقافية والروحية بين روسيا والعرب إلى مئات السنين. ومعروفة أسماء العشرات من أبرز المستشرقين والمستعربين الروس الذين درسوا الثقافة العربية والإسلامية والمسيحية وأحبوها ونشروها بين المثقفين الروس.
وبالرغم من أن الاهتمام بتاريخ الرياضيات في أوساط علماء الرياضيات الروس برز بوضوح في الثمانينات من القرن التاسع عشر للميلاد إلا أن التطور الواسع والحقيقي للدراسات في تاريخ الرياضيات مقترن مع بداية العهد السوفييتي. فقد انطلقت الأبحاث العلمية لفهم التغيرات الاجتماعية. وكذلك تركزت جهود العلماء تحت تأثير إيديولوجي على تطوير العلوم المختلفة وخاصة النظرية منها وفي مقدمتها الرياضيات. وقاد ذلك إلى الاهتمام بتاريخ تلك العلوم وفلسفتها. ولعب التطور الهائل العميق والواسع للعلوم الرياضية في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين إلى تشكيل أحد أبرز المراكز العلمية في العالم وهو المدرسة السوفييتية في الرياضيات.
أما مدرسة تاريخ الرياضيات السوفييتية فقد نشأت في رحاب جامعة موسكو الحكومية. وبالذات في كلية العلوم الرياضية والفيزيائية – قسم الرياضيات في أواسط العشرينات. ففي هذه الفترة بدأت ص. يانسكايا (1896 – 1966) و م. فيغودسكي (1898 – 1965) نشاطاً كبيراً في إحياء الدراسات في تاريخ الرياضيات والتي انقطعت بعد وفاة مؤرخ الرياضيات المعروف ف. بوبينين (ق19-20). وبداية نظمت يانسكايا في 1925 حلقة بحثية (سيمينار) في تاريخ الرياضيات والفيزياء وفلسفتهما. أما فيغودسكي فقد دافع في جامعة موسكو عن أول رسالة دكتوراه في تاريخ الرياضيات في الحقبة السوفييتية وعنوانها: "أفلاطون الرياضي"، وبدأ بإلقاء محاضرات في تاريخ الرياضيات في أوائل الثلاثينات من القرن العشرين.
ولم يكن تأسيس المدرسة السوفييتية لتاريخ الرياضيات صدفة. فقد جاءت على خلفية الأزمة العميقة التي تعرضت لها أسس الرياضيات في العشرينات من القرن العشرين. ومعروف أن هذه الأزمة التي هزت أسس الرياضيات تولدت في أحشاء نظرية المجموعات والدوال الحقيقية في بدايات القرن العشرين. وقد تميزت أيضاً تلك المرحلة بصراع قوي بين الاتجاهات المنطقية عند برتراند راسل والشكلية عند هيلبرت والحدسية عند براور – فيل. وفي روسيا برز ن. لوزين (1883–1950) في ريادة التيار المحدث لطريقة التفكير الرياضي وفلسفة الرياضيات.
ويمكن تلخيص اتجاهات بحوث يوشكيفيتش الأساسية في الآتي:
- تاريخ أسس التحليل الرياضي
- تاريخ الرياضيات في روسيا
- تاريخ الرياضيات في القرون الوسطى وخاصة الرياضيات العربية
- دراسة مؤلفات أويلر.
وسنركز في بحثنا هذا على مساهماته القيمة في تاريخ الرياضيات العربية:
باكورة أعمال يوشكيفيتش وأول بحث علمي في روسيا عن تاريخ الرياضيات العربية كان بحثه الموسوم: "الجبر عند عمر الخيام" الذي كتبه قبيل الحرب العالمية الثانية لكنه رأى النور فقط في عام 1948. وفي حينها رحب المستعرب المعروف الأكاديمي إ. كراتشكوفسكي (1883-1951) بهذا البحث واقترح على يوشكيفيتش أن يتعلم اللغة العربية ويتابع هكذا أبحاث. وقد كان كراتشكوفسكي من محبي الثقافة العربية والإسلامية وأشار ليوشكيفيتش على كنوز العلوم العربية والإسلامية المحفوظة في مكتبات روسيا. لم يتعلم يوشكيفيتش العربية إلا قليلاً لكنه أسس مدرسة لدراسة الرياضيات العربية وهذا جهد عظيم فتح الطريق على مصراعيه للاستعراب العلمي الروسي. وكان عالم الهندسة المعروف ب. روزنفلد أول من انخرط في عام 1951 في هذه المدرسة وقدم فيما بعد إسهاماً عظيماً في مجال دراسة العلوم العربية. أما في طشقند في عام 1959 فقد بدأت العالمة غ. ماتفييفسكايا بدراسة الرياضيات العربية وقدمت للمكتبة العلمية مئات البحوث القيمة في تاريخ الرياضيات العربية ومن أهم أعمالها كتاب "دراسات في العدد في الشرق الأوسط والأدنى القروسطي" الذي صدر عام 1962. كما قدمت م. روجانسكايا أبحاثاً هامة في تاريخ الميكانيكا العربية. وكل هؤلاء الباحثين بالإضافة لغيرهم عملوا تحت الإشراف المباشر أو غير المباشر ليوشكيفيتش.
ومن أهم أعمال يوشكيفيتش "نظرية الخطوط المتوازية" بالاشتراك مع روزنفلد والتي ترجمت إلى العربية من قبل أ.د. سامي شلهوب في معهد التراث العلمي العربي في حلب عام 1989.
أما كتابه "تاريخ الرياضيات في القرون الوسطى" الذي صدر عام 1961 والذي ترجم إلى 6 لغات، فهو من أهم أعماله . وهذا الكتاب القيم يحتوي على فصل عن الرياضيات في البلاد الإسلامية. ويحتوي الكتاب على 4 فصول في تاريخ الرياضيات: في الصين والهند والبلاد الإسلامية وأوروبا القروسطية. ونشير هنا إلى أن بحوثه حول الرياضيات الصينية فتحت عيون الباحثين في العالم على دور الصينيين في تطور الرياضيات وأثرهم في الحضارة الإنسانية وبذلك كانت له الريادة في هذا المجال.
كما أشاد مؤرخ العلوم المصري-الفرنسي الكبير البروفيسور رشدي راشد بتميز أبحاث يوشكيفيتش ومكانتها القيمة عن الرياضيات العربية. ويقول مؤرخ العلوم التركي-الألماني البروفيسور فؤاد سيزغين في موسوعته الشهيرة "تاريخ التراث العربي" عن يوشكيفيتش: " يجب أن نبرز بشكل خاص الانجاز الهائل الذي قدمه يوشكيفيتش في الفصل الثالث من كتابه "تاريخ الرياضيات في القرون الوسطى" عن الرياضيات العربية. ومما يؤكد أهمية هذا العمل ذكره المتكرر في الأبحاث في كل العالم كمصدر هام في تاريخ الرياضيات العربية.
أما بحثه عن الرياضيات العربية المتضمنة في هذا الكتاب فقد ترجم في السبعينات مع التعديلات إلى اللغة الفرنسية والألمانية ولاقى ترحيباً وتقديراً كبيرين في الأوساط العلمية في العالم. وهناك فكرة لترجمته إلى العربية بالتعاون مع زملاء من معهد التراث العلمي العربي في حلب.
محتويات كتاب الرياضيات في البلاد الإسلامية:
1. معلومات تاريخية عن تطور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وفي مجال الرياضيات أيضاً في الدول العربية والإسلامية في القرون الوسطى. وتحدث عن أوضاع علماء الرياضيات في تلك الفترة ومعاناتهم نتيجة الصراعات على السلطة بين القوى المختلفة. ويتوقف عند التطور الواسع والعميق للرياضيات في مشرق العالم الإسلامي ومغربه بما فيه الأندلس. ويشير يوشكيفيتش إلى أن مصطلح الرياضيات العربية أو الإسلامية له نواقص. فالنظريات الرياضية هي نتيجة لعبقرية علماء من مختلف القوميات والديانات لكنهم كتبوا باللغة العربية وعاشوا وعملوا في ظل الدولة العربية الإسلامية. وهذا ما يبرر التسميات المختلفة.
2. انتشار نظام الترقيم العشري الموضعي (المنازل)
3. الكسور
4. مخطوطة الجبر للخوارزمي
5. القاعدة الثلاثية
6. قاعدة الخطأين
7. الهندسة في أعمال الخوارزمي
8. المخطوطات الجبرية لأبي كامل والكرجي
9. مسائل نظرية الأعداد
10.تطور نظام الترقيم الموضعي . الكسور العشرية
11. استخراج الجذور وصيغة ثنائي حد نيوتن
12. الأعداد اللانسبية (غير القياسية أو الصماء) ونظرية النسب
13. المسائل الهندسية والمعادلات التكعيبية
14. النظرية الهندسية للمعادلات التكعيبية لعمر الخيام
15. الترميز الجبري للقلصادي
16. مسائل الهندسة . أبو الوفاء
17. نظرية المتوازيات
18. القطوع المخروطية. استخدام التقريب إلى مكعبات في حساب الحجوم (دراسة اللامتناهيات في الصغر)
19. تطور علم المثلثات
20. علم المثلثات الكروي
21. رسالة الرباعي التام لنصير الدين الطوسي
22. الجداول المثلثية
23. قياس محيط الدائرة لغياث الدين الكاشي
24. الحل الجبري لمعادلة تثليث الزاوية
25. تأثير الرياضيات العربية على العلوم في أوروبا الغربية [5]
ومن قراءة الكتاب نلاحظ ما يلي:
-يحتوي الكتاب على مقولة هامة طرحها يوشكيفيتش ومفادها أن رياضيات االقرون الوسطى ومنها العربية تعتبر جزءاً أساسياً وجوهرياً في تطور الرياضيات العالمية وبذلك فقد أنصف يوشكيفيتش الرياضيات العربية وأعطاها حقها من حيث هي رياضيات إبداعية وفيها نظريات جديدة وأن العرب لم يكونوا مجرد مترجمين ونقلة للعلوم القديمة بل أنهم أصحاب علوم جديدة وأن العلوم العربية شكلت أساساً للنهضة الأوروبية.
كما توصل يوشكيفيتش إلى استنتاجات مهمة بعد دراسته لتاريخ الرياضيات في الفترة من القرن الثالث حتى القرن السادس عشر في بلاد الشرق: في الصين والهند واليونان والعالم الإسلامي وأوروبا. حيث أكد على وحدة هذه الرياضيات في المواضيع التي طرقت وتشابه الأساليب الرياضية بالرغم من تنوع الأماكن الجغرافية. ويوضح يوشكيفيتش أسباب تلك الظاهرة بالتشابه في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في بلدان الشرق وبالترابط الوثيق والتداخل بين بلدان الشرق في مختلف المجالات. وأثبت يوشكيفيتش أن رياضيات الشرق في القرون الوسطى تتميز بأصالتها ومستواها العالي وأكد على الأهمية الخاصة لذلك في تطور العلوم بشكل عام. وفي عام 1966 قدم لمؤتمر الرياضيات الدولي المنعقد في موسكو بحثاً بعنوان "أبحاث في تاريخ الرياضيات في بلدان الشرق في القرون الوسطى: نتائج وآفاق".
مع ملاحظة أهمية دور العرب والمسلمين في حفظ التراث القديم وخاصة اليوناني منه وذلك كونهم ترجموا تلك العلوم إلى العربية فحفظوها من الضياع. وقد قدم البروفيسور رشدي راشد بحثاً قيماً لمؤتمر المخطوطات المترجمة ( أقامه مركز المخطوطات في مكتبة الإسكندرية في الفترة من 29 /5 حتى 1/6/2007 ) ناقش فيه مسائل مهمة منها أهمية النص المترجم لتحقيق النص الأصلي.
- عمق المعلومات وشمولها لكل ما كان معروفاً في ذلك الوقت عن المواضيع المعروضة في الكتاب.
- الاستنتاجات الهامة والجديدة فيما يتعلق بتطور الرياضيات ودور العلماء العرب بدقة في ذلك.
- استخدامه كماً هائلاً من المراجع العلمية في موضوع الكتاب. ومما ساعده في ذلك معرفته الواسعة للغات الأوروبية كالفرنسية والألمانية وغيرهما.
- ومن الملاحظات النقدية أن الكتاب مر على إصداره 46 سنة. وقد أصبحت بعض المعلومات قديمة. فهناك أبحاث حديثة نشرت وخاصة التي قدمها الدكتور رشدي راشد حول الكسور العشرية على أن السموأل المغربي (ق 12) هو من أدخلها لأول مرة وليس الكاشي (ق 16). وكذلك حول الرموز الجبرية هناك أبحاث لمحمد إبلاغ وأحمد جبار (المغرب العربي) تشير إلى أن ابن الياسمين (ق 12) هو أول من استخدمها وليس القلصادي من (ق 16).
عن بعض أعمال يوشكيفيتش الأخرى:
بالإضافة إلى مؤلفاته الكثيرة عن الرياضيات العربية وتحليلاته الغنية للدراسات التاريخية قدم أبحاثاً معمقة عن الجبر عند الخيام وكذلك القسم الحسابي والجبري عند الخوارزمي و عن مفتاح الحساب للكاشي وأعمال ثابت بن قرة والرسائل الهندسية لنصير الدين الطوسي وأبي الوفاء البوذجاني وغيرهم.
وقام بتعميم نتائج الدراسات في تاريخ الرياضيات من العصور القديمة وحتى ثلاثينات القرن العشرين. ومن أجل تنفيذ هذه المهمة اختار مجموعة من الباحثين المعروفين كروزنفيلد وباشماكوفا. وتم نشر ثلاثة مجلدات في هذا الموضوع. ففي عام 1970 طبع مجلدان: شمل الأول الفترة من العصور القديمة وحتى بداية العصر الحديث (بداية القرن السابع عشر)، أما الثاني فكرس للقرن السابع عشر. وأخيراً ظهر الجزء الثالث الذي غطى القرن الثامن عشر.
وقد حدد يوشكيفيتش الغاية الأساسية من المجلد الأول بالكلمات التالية: " كرس هذا الجزء من الكتاب
لعرض تاريخ تطور الرياضيات كعلم واحد متكامل. ولذلك احتل تاريخ المفاهيم الأساسية في الرياضيات وطرقها وخوارزمياتها وترابطها الداخلي وتطورها عبر
الزمن....وقد أخضعت لهذا الهدف جميع جوانب التطور التاريخي" . كما أن هذا المجلد حسب رأي يوشكيفيتش ينسجم ويخضع مع توجهات المدرسة السوفييتية في تاريخ الرياضيات وهي عرض الرياضيات في تطورها المستمر وديناميتها وتقدم طرق البحث في العلاقات الكمية والأشكال الفراغية للعالم الواقعي، وليس هذا فحسب بل التعامل مع الرياضيات كظاهرة اجتماعية. فالأفكار والتراكيب الرياضية تتطور وتعمم وهذا هو التطور الداخلي للرياضيات. لكن هذا التطور يحدث في شروط معينة وعلى أساس من النشاط العملي للناس. إذاً فهو مرتبط بالباحثين بعقليتهم وفلسفتهم وحتى أحياناً أخلاقياتهم. وسعى المؤلفون تحت الإشراف المباشر ليوشكيفيتش إلى النظر بروح جديدة إلى منجزات الرياضيات التي عادة ما تؤثر في الأبحاث المعاصرة وأحياناً توصلوا إلى استنتاجات جديدة في تاريخ الرياضيات.
وتجدر الإشارة إلى الاستفادة الواسعة في إعداد هذه المجلدات من آخر ما المكتشفات في تاريخ الرياضيات لكبار الباحثين في ذلك الوقت: ك. فوغل و و. نيغيباور و ب. فاندر فاردن و إ. كينيدي و م. فيجودسكي و ب. روزنفلد وإ. باشماكوفا وأ. يوشكيفيتش وغ. ماتفييفسكايا و م. روجانسكايا وغيرهم الكثير. كما شارك في كتابة هذه المجلدات كبار علماء الرياضيات الروس: أ. كولموغوروف و أ. غيلفوند و ب. غنيدينكه.
وأعقب تلك المجلدات عمل ضخم جديد "رياضيات القرن التاسع عشر" شارك في كتابته كبار الرياضيين الروس.
ولم يتمكن يوشكيفيتش من تنفيذ خطته التالية التي وضعها في بداية الثمانينات لكتابة تاريخ رياضيات القرن العشرين حتى نهاية الحرب العالمية الثانية بسبب رحيل كولموغوروف عام 1987 ورحيل يوشكيفيتش عام 1993. إضافة إلى انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 واتسمت هذه المرحلة بتدهور أوضاع العلم والعلماء الروس بشكل مخيف. فقد سرع ذلك في وفاة عدد كبير من مؤرخي الرياضيات كبار السن لأنهم لم يستطيعوا تحمل قسوة الزمن في فترة البيريسترويكا في التسعينات. برزت مشكلة لم يعرفها المجتمع السوفييتي من قبل وهي ندرة الكوادر الشابة التي تبحث في تاريخ الرياضيات وحتى في العلوم المختلفة. وبالرغم من هذه الظروف الصعبة التي ذكرناها لم تنقطع البحوث في تاريخ رياضيات القرن التاسع عشر والقرن العشرين.
وكان ليوشكيفيتش الفضل الأكبر في الإشراف المباشر على جميع أعداد مجلة قسم تاريخ الرياضيات في معهد تاريخ العلوم والتكنولوجيا التابع لأكاديمية العلوم الروسية وهي "أبحاث في تاريخ الرياضيات". هذه المجلة التي كانت تعد مجلة كل مؤرخي الرياضيات في الاتحاد السوفييتي وما زالت في روسيا ولها مكانة عالمية مرموقة وهي تصدر باللغة الروسية وتقدم ملخصات البحوث باللغة الإنكليزية (رئيس تحريرها الآن البروفيسور سيرغي ديميدوف).
كما أشرف يوشكيفيتش على نشاط قسم تاريخ الرياضيات في الاتحاد السوفييتي الوطني لتاريخ العلوم والتكنولوجيا وفلسفتها، وكان قد لعب دوراً حاسماً في تأسيس ذلك الاتحاد عام 1956.
أما المؤتمرات العلمية المتعددة المحلية منها والدولية فكانت تقام بتوجيه وإدارة يوشكيفيتش. وهو الذي اقترح إقامة مدارس تاريخ الرياضيات وهي عبارة عن لقاءات لمدة اسبوع في مكان هادئ يستطيع الباحثون فيه أن يناقشوا كل ما يريدونه في تاريخ الرياضيات وبنفس الوقت توجد برامج للعلماء للراحة في أرياف روسيا الجميلة.
كان متابعاً لكل جديد في أوروبا في تاريخ الرياضيات ويحرص على إخبار المشاركين في السيمينارات العلمية بنبذات عن هذه الكتب والأبحاث الجديدة.
من مراسلات يوشكيفيتش مع فوغل (ألمانيا):
صدرت مراسلاته مع المؤرخ الألماني المعروف ك. فوغل في كتاب باللغة الروسية والألمانية عام 1997. وقد وردت في هذه المراسلات لقطات مهمة حول الرياضيات العربية.
ففي الصفحة 45 من الكتاب يشير يوشكيفيتش إلى أن الرياضيات العربية لها طابع حسابي خوارزمياتي. وفي الصفحة 55 يلاحظ يوشكيفيتش أن تعميم مفهوم العدد ورد عند العلماء العرب كالخيام قبل ليوناردو البيزي.
في الصفحة 66 يؤكد يوشكيفيتش على أنه بالرغم من أن العرب كانوا تلامذة اليونانيين القدماء إلا أنهم- أي العرب- أسسوا علماً مختلفاً من حيث الجوهر عن العلم الكلاسيكي.
كما يتساءل يوشكيفيتش في الصفحة 68 عن العلاقة التاريخية في مجال العلم بين العرب والصينيين والخوارزميين. ويضيف أن المعلومات شحيحة في هذا المضمار.
يوشكيفيتش المربي والمعلم:
يعتبر يوشكيفيتش شيخ المؤرخين للرياضيات في الاتحاد السوفييتي منذ أواسط القرن العشرين وكل الباحثين في هذا المجال هم تلامذته إما بشكل مباشر أو غير مباشر. وفي كل الأحوال فهو مؤسس مدرسة تاريخ الرياضيات في روسيا ومن ضمنها الرياضيات العربية. فعلى بحوثه وكتبه تربت أجيال من الباحثين الذين أصبحوا ذوي شهرة عالمية.
كان شديد الاهتمام بطلبته الشباب وتمتع بقدرة عجيبة على اكتشاف مواهب الباحثين وتوجيههم في الاتجاه المناسب لقدراتهم. وبنفس الوقت كان صارماً وموضوعياً في تقييم أعمال تلامذته ولا يحب مجاملتهم على حساب العلم. وكان يميز بين العلاقات الشخصية والعلاقات العلمية ويشجع الطلاب على تعلم اللغات الأجنبية.
إن الباحثين العرب والأوروبيين يعرفون القليل عن شخصية يوشكيفيتش العلمية ونشاطاته الأكاديمية ومسيرة حياته المليئة بالإبداعات والعطاءات. وترى معظم الباحثين في تاريخ الرياضيات يستشهدون بكتاب يوشكيفيتش عن الرياضيات في البلاد الإسلامية لكن مؤلفاته العلمية وتعد بالمئات غنية بشكل لا يوصف بالمعلومات القيمة والآراء العميقة والاستنتاجات المبرهنة.
إن يوشكيفيتش هو واحد من أعظم مؤرخي الرياضيات في العالم وبالرغم من أنه لم يكن يعرف اللغة العربية ولا الصينية مثلاً إلا أنه كتب عن الرياضيات العربية والصينية أبحاثاً ليس لها مثيل.
وأخيراً أرى من واجبنا عرباً ومسلمين أن نحيي ذكرى هذا العالم الجليل الذي ساهم بإحياء التراث العلمي العربي والعالمي، بأن نقيم مؤتمراً مخصصاً لمسيرته العلمية ولشخصيته الفذة كعالم وإنسان وكأول مؤرخ للرياضيات العربية في روسيا.
لمحة عن السيرة الشخصية ليوشكيفيتش:
كان يحلم في صغره أن يصبح فيلسوفاً، لكن والده وكان متخصصاً في الرياضيات قال له: "إن الفيلسوف الذي يجهل الرياضيات فهو يجهل الفيزياء وبالتالي فهو لا يعرف العلوم الأساسية، وهو ليس بفيلسوف". إذاً لمعرفة الفلسفة لا بد من الرياضيات (وهذا الرأي قاله علماء كثر ومنهم الكندي الذي قال أن الفلسفة لا تنال إلا بالرياضيات وقبله أفلاطون في أكاديميته الشهيرة). وهكذا انتسب يوشكيفيتش إلى كلية الفيزياء والرياضيات في جامعة موسكو الحكومية سنة 1923.
درس يوشكيفيتش في الجامعة في فترة التطور العاصف للبحوث الرياضية وخاصة في مدرسة إيغوروف – لوزين في نظرية المجموعات والتحليل الحقيقي. وليس صدفة اهتمامه بأسس الرياضيات حيث كان يميل إلى النظرية الحدسية لبراور (ق 19-20) وقام بترجمة أعمال فيل (ق 19-20) في الفلسفة. تخرج من الجامعة في عام 1929. وكان خلالها يشارك في سيمينار تاريخ الرياضيات الذي يشرف عليه يانسكايا وفيغودسكي. وفيما بعد أصبح يوشكيفيتش أحد المشرفين الأساسيين على أعمال ذلك السيمينار.
في نهاية العشرينات برزت شخصية يوشكيفيتش (1906- 1993) في طليعة الباحثين في تاريخ الرياضيات في موسكو. كان يوشكيفيتش عالماً ملماً بكافة جوانب تاريخ الرياضيات . حصل على نتائج علمية أصيلة في تاريخ الرياضيات في القرون الوسطى وخاصة في الرياضيات العربية، وفي تاريخ أسس التحليل الرياضي، وفي تاريخ الرياضيات في روسيا، وفي دراسة أعمال ديكارت ونيوتن وليبنيتز وأويلر وأوستراغرادسكي.
أول عمل علمي له كان مكرساً لأسس التحليل الرياضي وهو عن ميتافيزياء حساب اللامتناهيات في الصغر لكارنو (ق 17-18) ثم تابع نشاطه في دراسة أعمال الرياضيين الكلاسيكيين كتحليل اللامتناهيات في الصغر للوبيتال (ق 17-18) وهندسة ديكارت ( ق 17-18 ) والحساب الشامل لنيوتن (ق 17-18) وغيرها. وكتب عشرات المقالات العلمية عن علماء الرياضيات للموسوعة السوفييتية الكبيرة.
كان يحب العمل ويعشق العلم. حياته منظمة. أحب الأدب الروسي وخاصة الشعر والموسيقى والرسم. شعراؤه المحببين كانوا بوشكين وغوته.
وقد لعبت شخصية أبيه – الفيلسوف والرياضي والكاتب الروسي المعروف ب. يوشكيفيتش الذي أحب تاريخ وفلسفة العلوم.وبالمناسبة فقد ذكر لينين في أحد مؤلفاته الفلسفية يوشكيفيتش الأب كمثال على الفلاسفة المثاليين.
يوشكيفيتش ونشوء المدرسة السوفييتية في تاريخ الرياضيات:
كانت موسكو هي مركز ولادة هذه المدرسة بالرغم من وجود مراكز علمية مماثلة أخرى في لينينغراد وكييف. وفي موسكو عمل أهم سيمينار في تاريخ الرياضيات في الاتحاد السوفييتي. كما صدرت في موسكو مجلة "أبحاث في تاريخ الرياضيات".
وأصبح يوشكيفيتش الرائد والملهم والمنظم البارع لمدرسة تاريخ الرياضيات ونال اعترافاً وتقديراً ليس في روسيا فحسب وإنما في العالم. كان ينظر بعيداً إلى المستقبل ولذلك وضع هدفاً استراتيجياً وهو تأسيس قاعدة للبحوث العلمية في مجال تاريخ الرياضيات.
في عام 1944 بدأ يوشكيفيتش رسمياً كأحد المشرفين على سيمينار تاريخ الرياضيات في جامعة موسكو الحكومية. وتحول هذا السيمينار بجهود يوشكيفيتش واهتمامه الهائل به، إلى مدرسة للطلاب ومركز تناقش فيه أهم المسائل التي تهم مؤرخي الرياضيات وتتخذ فيها القرارات. وبدعوة من يوشكيفيتش شارك في السيمينار علماء كبار كديودون وتاتون وغيرهما.
ولا يفوتنا أن نذكر أن بداية عمل يوشكيفيتش في معهد تاريخ العلوم والتكنولوجيا تعود إلى عام 1945. وفي عام 1968 تبلورت حول يوشكيفيتش مجموعة من الباحثين في تاريخ الرياضيات وفي مقدمتهم المتخصص الكبير في الهندسة ب. روزنفلد ومايستروف وميدفيديف وبيريوزكينا وبابلاوسكاس وفولودارسكي. وفي السبعينات انضم إليهم سلافوتين وديميدوف (رئيس قسم تاريخ الرياضيات الحالي في المعهد) وتوكاريفا وفي التسعينات التحق بهم زايتسف ولوتر.
انتخب يوشكيفيتش رئيساً للأكاديمية الدولية لتاريخ العلوم في الفترة 1965-1986. اكتسب شهرة علمية دولية وحاز على جوائز علمية هامة كميدالية سارتون وربطته علاقات صداقة علمية مع كبار مؤرخي الرياضيات في أوروبا مثل بيرمان وفينتر من ألمانيا، زوبوف وتاتون وراشد من فرنسا. كما انتخب عضواً في أكاديميات علمية في ألمانيا وأسبانيا وغيرهما.