أ – هَدْيُهُ صلى الله عليه وسلم في الطَّعامِ:
1- كان لا يردُّ موجودًا ولا يتكلَّفُ مفقودًا, فما قُرِّبَ إليه شيءٌ من الطيباتِ إلا أَكَلَهُ إلَّا أَنْ تَعَافَهُ نَفْسُه؛ فيترُكَه مِنْ غَيْرِ تحريمٍ, ولا يَحْمِل نَفْسَهُ عليه على كُرْهٍ, وما عابَ طَعَامًا قَطُّ, إِنْ اشتهَاهُ أَكَلَهُ وإلا تَرَكَهُ, كما تركَ أَكْلَ الضَّبِّ لمَّا لم يَعْتَدْهُ.
2- وكان يأكلُ ما تَيَسَّرَ, فَإِنْ أعْوَزَهُ صَبَرَ, حتى إنَّهُ ليربُط على بطنِه الْحَجَرَ من الجوعِ, ويُرى الهلالُ والهلالُ والهلالُ ولا يُوْقَد في بيتِه نَارٌ.
3- ولم يَكُنْ مِنْ هَدْيه حبسُ النفسِ على نوعٍ واحدٍ مِنَ الأغذيةِ لا يَتَعدَّاهُ إلى مَا سواه.
4- وَأَكَلَ الحلوى والعسَلَ, وكان يحبهما, وأَكَلَ لحمَ الْجَزُورِ, والضأنِ, والدَّجَاجِ, ولحم الْحُبَّارَى، ولحم حمارِ الوَحْشِ, والأرنبِ, وطعامَ البحرِ, وأَكَلَ الشِّواءَ, وأكلَ الرُّطَبَ والتَّمْرَ, وأكل الثَّرِيدَ؛ وهو: الخبزُ باللحمِ, وأكل الخبزَ بالزيتِ, وأكل القثاءَ بالرطبِ, وأكل الدُّبَّاءَ المطبوخة وكان يحبُّها, وأكل القديدَ, وأكل التَّمرَ بالزُّبْدِ.
5- وكان يُحِبُّ اللحمَ, وأحبُّه إليه الذراعُ ومَقْدِمُ الشاةِ.
6- وكان يأكلُ من فاكهةِ بلدِه عندَ مجيئِها ولا يحتمي عَنْهَا.
7 – وكان معظمُ مَطْعمِه يُوضَعُ عَلَى الأرضِ في السُّفْرَةِ.
8 – وكان يأمُر بأكلِ باليمينِ, وينهى عن الأكلِ بالشمالِ, ويقول: «إِنَّ الشيطانَ يأكلُ بِشِمَالِهِ, ويشربُ بشماله» [رواه مسلم].
9 – وكان يأكُلُ بأصابِعِه الثَّلاث, ويلعقُها إذا فَرَغَ.
10 – وكان لا يأكل مُتَّكئًا – والاتَّكَاءُ على ثلاثةِ أنواعٍ؛ أحدُها: الاتكاءُ على الجنبِ, والثاني: التربُّع, والثالث: الاتكاء عَلَى إِحْدَى يديه وأكلُه بالأُخرَى, والثلاث مذمومة-, وكان يأكلُ وهو مُقْعٍ -، والإقعاءُ: أنْ يجلسَ على أَلْيَتَيْهِ ناصبًا ساقَيْه – وقال: «إنَّمَا أَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ الْعَبْدُ وآكُلُ كَمَا يأكُلُ العَبْدُ».
11- وكان إذَا وَضَعَ يَدَهُ في الطعامِ قال: «بِسْمِ اللهِ»، ويأمرُ الآكلَ بالتسميةِ, وقال: «إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُم فليذكر اسْم اللهِ تعالى, فإِنْ نَسِي أَنْ يَذْكُرَ اسم اللهِ في أوَّلِهِ؛ فليقل: بِسْمِ اللهِ في أوَّلِهِ وآخرِهِ». [رواه الترمذي].
12- وقال: «إِنَّ الشيطانَ ليستَحِلُّ الطعامَ أَنْ لا يُذْكَر اسمُ الله عليهِ» [رواه مسلم].
13- وكان يتحدَّثُ على طعامِه, ويُكَرِّرُ على أضيافِه عَرْضَ الأكلِ عليهم مِرارًا؛ كما يَفْعَلُه أهلُ الْكَرَمِ.
14- وكان إذا رُفِعَ الطعامُ مِنْ بَيْنِ يديهِ يقول: «الحمدُ للهِ حَمْدًا كثيرًا طيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبُّنَا» [رواه البخاري].
15- وكان إِذَا أَكَلَ عِنْدَ قومٍ لم يَخْرُج حَتَّى يدعو لهم, ويقول: «أَفْطَرَ عِنْدَكُم الصَّائِمُونَ, وأَكَلَ طَعَامَكُم الأبْرَارُ, وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الملاَئكَةُ» [رواه أبو داود].
16- وكان يَدْعُو لِمَنْ يُضِيف المساكينَ وَيُثْنِي عليهم.
17 – وكانَ لا يأنَفُ مِن مُؤاكلة أحدٍ صغيرًا كان أو كبيرًا, حُرًّا أو عبدًا, أعرابيًّا أو مهاجرًا.
18 – وكان إذا قُرِّب إليه طعامٌ وهو صائمٌ, قال: «إِنِّي صائم» [متفق عليه]، وأمَرَ من قُرِّبَ إليه الطعام وهو صائم أن يُصَلِّيَ؛ أي: يدعو لمن قَدَّمَهُ, وإِنْ كَان مُفْطِرًا أَنْ يأكلَ مِنْهُ.
19 – وكان إذا دُعِيَ لطعامٍ وَتَبِعَهُ أحدٌ أعلمَ به رَبَّ المنزلِ, وقال: «إِنَّ هَذَا تَبِعَنَا؛ فَإِنْ شِئْتَ تأذَنُ له، وَإِنْ شِئْتَ رَجَعَ» [رواه البخاري].
20 – وأَمَرَ من شَكَوْا إليه أنهم لا يشبعُونَ أن يجتمِعُوا على طعامهم ولا يتفرَّقُوا, وأَنْ يذكُروا اسمَ اللهِ عليه يبارك لهم فيه.
21 – وقال: «مَا مَلأَ آدمِيٌّ وعاءً شرًّا مِنْ بَطْنٍ, بِحَسْبِ ابنِ آدمَ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَه؛ فَإِنْ كانَ لَا بُدَّ فاعلًا، فثلثٌ لطعامِهِ, وثلثٌ لشرابِه, وثلثٌ لِنَفَسِهِ» [رواه الترمذي, وابن ماجه].
22- ودخلَ منزلَهُ ليلةً, فالتمسَ طعامًا فَلَمْ يجِدْه, فقال: «اللَّهُمَّ أَطْعِم مَنْ أَطْعَمَنِي, واسقِ مَنْ سَقَانِي» [رواه مسلم].