علوم الرياضيات



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

علوم الرياضيات

علوم الرياضيات

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

علوم الرياضيات بإشراف: أ.عبدالواحد حسني


3 مشترك

    الدفاع عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه

    avatar
    فارس باراس ش5
    من كبآر العلمآء
    من كبآر العلمآء


    المساهمات : 200
    تاريخ التسجيل : 22/04/2013

    الدفاع عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه Empty الدفاع عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه

    مُساهمة من طرف فارس باراس ش5 الإثنين أبريل 22, 2013 10:44 pm

    الدفاع عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة و السّلام على رسولنا محمد وعلى آله و أصحابه أجمعين .

    السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

    الدفاع عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت


    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

    أما بعد:

    فهذه كلمات يسيرة في الدفاع عن الصحابي الجليل "حَسَّان بن ثابت" وتبرئته من تُهمة الْجُبنِ.

    إنَّ الناظِرَ في كُتُبِ التواريخِ والتراجمِ في ترجمةِ هذا الصحابي يجدُ أنّها تتابعت على أمرين:
    الأول: نقل الأحاديث المسندة التي احتجوا بِها في وصفِه بالْجبنِ، دون الحكم على أسانيدها.
    الثاني: نقل كلام المؤرخين والْمُترجِمِين الذين وصفوه بالْجُبن، دون أدنى إنكار، إلا من بعضهم.

    أولاً: بيان ضعف وبُطلان هذه الأحاديث التي احتجوا بِها:

    1- أخْرجَ ابنُ عساكر في "تاريخ دمشق" (12/413) مِن طريقِ الزُّبَيْر بْنِ بَكَّارٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ [أنَّ]([1])حَسَّانَ أَنْشَدَ رَسُولَ اللَّهِ
    لَـقَدْ غَدَوْتُ أَمَامَ الْقَوْمِ مُنْتَطِقاً *** بِصَـارِمٍ مِثْلَ لَـوْنِ الْمِلْحِ قَطَّـاعِ
    تَحْفِزُ عَنِّي نِجَادَ السَّيْفِ سَابِغَةٌ *** تَغْشَى الأَنَامِلِ مِثْلُ لَوْنِ النَّهْيِ بِالْقَاعِ
    قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَظَنَّ أَنَّهُ يَضْحَكُ مِنْ ضَعْفِهِ وَجُبْنِهِ.

    قُلتُ: هذا إسنادٌ ضعيفٌ جداً؛ مُسلسلٌ بالعلل:

    الأولى: الانقطاع بين "عبد الله بن مصعب" وبين أحداث هذه القصة، فإنّه وُلِدَ عام (114هـ)([2]).

    الثانية: عبد الله بن مصعب، هو ابن ثابت، قال يحيى بن معين: [كان ضعيف الحديث، لم يكن عنده كتابٌ، إنما كان يحفظ]([3])، وقال أبو حاتم: [هو شيخ، بابة عبد الرحمن بن أبي الزناد]([4]).

    الثالثة: علي بن صالح، هو المدني، قال الحافظ ابن حجر: [مَسْتور]([5]).

    2- قصة حسان بن ثابت مع صفية بنت عبد المطلب وقتلها الرجل اليهودي:

    هذه القصة وردت مِن طرقٍ كثيرة وهي على قسمين:

    الأول: طرق شديدة الضعف، وهي التي بِها الزيادات المنكرة التي صرّحت بِجُبنِ حسان.
    الثاني: طريقان مرسلان عن عروة بن الزبير، وعباد بن عبد الله بن الزبير.

    أولاً: بيان وتخريج الطرق شديدة الضعف لهذه القصة
    1- أخرج أبو يعلى في "مسنده" (683)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (12/429-430) مِن طريقِ مُحَمَّد بْنِ الْحَسَنِ الْمَدَنِيِّ، حَدَّثَتْنِي أُمُّ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ جَدِّهَا الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا خَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ نِسَاءَهُ يوم أُحد بِالْمَدِينَةِ، خَلَّفَهُنَّ فِي فَارِعٍ، وَفِيهِنَّ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَخَلَّفَ فِيهِنَّ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ، وَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَيَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ لِحَسَّانَ: عَنْدِكَ الرَّجُلُ، فَجَبُنَ حَسَّانُ، وَأَبَى عَلَيْهِ، فَتَنَاوَلَتْ صَفِيَّةُ السَّيْفَ فَضَرَبَتْ بِهِ الْمُشْرِكَ حَتَّى قَتَلَتْهُ، فَأُخْبِرَ بِذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ، فَضَرَبَ لِصَفِيَّةَ بِسَهْمٍ كَمَا كَانَ يَضْرِبُ لِلرِّجَالِ.

    قلتُ: هذا إسنادٌ موضوع؛ مسلسل بالعلل:

    الأولى: جعفر بن الزبير بن العوام، مجهول الحال([6])

    الثانية: أم عروة، لم أجد لها ترجمة.

    الثالثة: محمد بن الحسن المدني، هو ابن زَبَالة، قال الحافظ: [كَذَّبوه]([7])

    وقال الحافظ ابن حجر - تعليقاً على الإسناد السابق -:[تابع "ابن زَبَالة" عليه "إسحاق بن محمد بن أبي فروة"، وهو مِن رجال البخاري، فرواه عَن أم عروة، أخرجه البزار مِن طريقه، وسياقه أتَمّ]([8])

    قلتُ: هذه المتابعة، وردتَ عن "إسحاق بن محمد بن أبي فروة" مِن عدة طرق:

    الطريق الأول: أخرجه البزَّار (2/333-334/1807-كشف الأستار)، قال:
    حدَّثنا عبد الله بن شبيب، ثنا إسحاق بن محمد الفروي، قال: حدثتني أم عروة بنت جعفر بن الزبير، عن أبيها، عن جدها الزبير بن العوام، به مطولاً.
    قلتُ: وهذه متابعة لا يُفرح بِها، لأنَّ "عبد الله بن شبيب" هذا ساقط، قال ابن حبان: [يقلب الأخبار ويسرقها]، وقال فضلك الرازي: [يحلُّ ضربُ عُنقه].

    الطريق الثاني: أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (7493) من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا إسحاق بن محمد الفروي، حدثتنا (أم عروة)([9])، عن أبيها جعفر، عن الزبير، عن صفية، به مطولاً، وشك الراوي في كون هذه الحادثة في غزوة أحد أم الخندق.

    الطريق الثالث: أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (24/321-322/809)، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا إسحاق بن محمد الفروي، حدثتنا أم عروة بنت جعفر بن الزبير، عن أبيها، عن جدتِها صفية، به مطولاً، وذكر الراوي أنَّ هذه الحادثة كانت في غزوة أحد.

    الطريق الرابع: أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4/50-51) من طريق إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، ثنا إسحاق بن محمد الفروي، حدثتنا (أم عروة)([10]) بنت جعفر بن الزبير، عن أبيها، عن جدها الزبير، عن أمه صفية، به مطولاً، ولكن ذكر الراوي أنَّ هذه الحادثة كانت في غزوة الخندق.

    قلتُ: وهذه الأسانيد مدارها على إسحاق بن محمد الفروي، قال الحافظ: [صدوق كُفَّ فساء حفظه]، وقد اضطرب فيها أيضاً في الإسناد ، فتارة يرويه موصولاً، وتارة يرويه منقطعاً بإسقاط الزبير من الإسناد.
    وقد اضطرب أيضاً في المتن، فتارة يذكر أنَّ هذه الحادثة كانت في غزوة أحد، وتارة يذكر أنّها كانت في غزوة الخندق، وتارة يروي ذلك على الشك.
    وأضِف إلى ذلك العلتين السابقتين، وهما: جهالة جعفر بن الزبير، وأم عروة، فالإسناد على كل حال ضعيف جداً، لا يصلح في الشواهد والمتابعات.

    2- أخرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (12/432)، والْمِزِّي في "تَهذيب الكمال" (2/98-ط2.الرسالة) مِن طريقِ الزُّبَيْر بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ، فذكر الحديث مطولاً وبه زيادات منكرة.

    قلتُ: وهذا إسنادٌ ضعيف جداً؛ مسلسل بالعلل:

    الأولى: الانقطاع بين "مصعب بن ثابت" وبين "عبد الله بن الزبير".

    الثانية: مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، قال الحافظ:[لين الحديث، وكان عابداً]([11]).

    الثالثة: عبد الله بن مصعب بن ثابت، قال يحيى بن معين: [كان ضعيف الحديث، لم يكن عنده كتابٌ، إنما كان يحفظ]([12])، وقال أبو حاتم: [هو شيخ، بابة عبد الرحمن بن أبي الزناد]([13]).

    الرابعة: علي بن صالح، هو المدني، قال الحافظ ابن حجر: [مَسْتور]([14]).

    3- أخرج الواقدي في "المغازي" (2/264-265)، قال: وحدثني شيخ من قريش قال: كان حسان بن ثابت رجلاً جباناً، فذكر الحديث مختصراً.

    قلتُ: هذا إسنادٌ موضوع، مسلسل بالعلل:

    الأولى: الانقطاع بين الشيخ القرشي، وبين أحداث القصة.

    الثانية: جهالة الشيخ القرشي.

    الثالثة: الواقدي، هو محمد بن عمر([15])، قال أحمد بن حنبل: [هو كذاب]، وقال الشافعي: [كتب الواقدي كلها كذب]، وقال النسائي: [الكذابون المعروفون بالكذب عن رسول الله أربعة: الواقدي بالمدينة،..].

    بيان وتخريج الطريقين المرسلين عن "عروة بن الزبير" و "عباد بن عبد الله بن الزبير"

    1- مرسل عروة:
    قال ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (10/41): أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ كَانَ إِذَا خَرَجَ لِقِتَالِ عَدُوِّهِ مِنَ الْمَدِينَةِ رَفَعَ أَزْوَاجَهُ وَنِسَاءَهُ فِي أُطُمِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ، لأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَحْصَنِ آطَامِ الْمَدِينَةِ ، وَتَخَلَّفَ حَسَّانُ يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ يَهُودِيُّ فَلَصِقَ بِالأُطُمِ يَسْتَمِعُ وَيَتَخَبَّرُ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِحَسَّانَ: انْزِلْ إِلَى هَذَا الْيَهُودِيِّ فَاقْتُلْهُ، فَكَأَنَّهُ هَابَ ذَلِكَ، فَأَخَذَتْ عَمُودًا فَنَزَلَتْ، فَخَتَلَتْهُ حَتَّى فَتَحَتِ الْبَابَ قَلِيلاً قَلِيلاً، ثُمَّ حَمَلَتْ عَلَيْهِ فَضَرَبَتْهُ بِالْعَمُودِ فَقَتَلَتْهُ.
    وقال الطبراني في "المعجم الكبير" (24/319/804): حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ أَدْخَلَ النِّسَاءَ يَوْمَ الأَحْزَابِ أُطُماً مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ رَجُلا جَوَاداً، فَأَدْخَلَهُ مَعَ النِّسَاءِ، وَأَغْلَقَ الْبَابَ فَجَاءَ يَهُودِيٌّ، فَقَعَدَ عَلَى بَابِ الأُطُمِ، فَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: انْزِلْ حَسَّانُ إِلَى هَذَا الْعِلْجِ فَاقْتُلْهُ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأَجْعَلَ نَفْسِي خَطَراً لِهَذَا الْعِلْجِ ، فَائْتَزَرْتُ بِكِسَاءٍ وَأَخَذْتُ فِهْراً، فَنَزَلْت إِلَيْهِ فَقَطَعْت رَأْسَهُ.
    وأخرج الحاكم في "المستدرك" (4/51) من طريق يونس بن بكير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن صفية بنت عبد المطلب، قال: عروة وسمعتها تقول: أنا أول امرأة قتلت رجلاً، كنتُ في فارع حصن حسان بن ثابت وكان حسان معنا في النساء والصبيان حين خندق النبي ، قالت صفية: فمر بنا رجل من يهود فجعل يطيف بالحصن، فقلت لحسان: إن هذا اليهودي بالحصن كما ترى ولا آمنه أن يدل على عوراتنا، وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقم إليه فاقتله، فقال: يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، قالت صفية: فلما قال ذلك ولم أر عنده شيئا احتجزت وأخذت عموداً من الحصن، ثم نزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن، فقلت يا حسان: انزل فاستلبه فإنه لم يمنعني أن أسلبه إلا أنه رجل، فقال: ما لي بسلبه من حاجة.

    قلتُ: وهذه الطرق تدور على "عروة بن الزبير"، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك" (4/51): [عروة لم يدرك صفية]، فالإسناد منقطع، وأيضاً وقع الاضطراب في تحديد الغزوة أهي غزوة أحد أم الخندق.

    2- مرسل عباد بن عبد الله بن الزبير:
    قال ابن إسحاق - كما في "السيرة النبوية" لابن هشام (3/155):
    [ وَحَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الزّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ عَبّادٍ، قَالَ: كَانَتْ صَفِيّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطّلِبِ فِي فَارِعٍ، حِصْنُ حَسّانِ بْنِ ثَابِتٍ؛ قَالَتْ: وَكَانَ حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ مَعَنَا فِيهِ مَعَ النّسَاءِ وَالصّبْيَانِ .
    قَالَتْ: صَفِيّةُ فَمَرّ بِنَا رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْحِصْنِ، وَقَدْ حَارَبَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، وَقَطَعَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللّهِ ج وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَحَدٌ يَدْفَعُ عَنّا، وَرَسُولُ اللّهِ ج وَالْمُسْلِمُونَ فِي نُحُورِ عَدُوّهِمْ لا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْصَرِفُوا عَنْهُمْ إلَيْنَا إنْ أَتَانَا آتٍ.
    قَالَتْ: فَقُلْت: يَا حَسّانُ إنّ هَذَا الْيَهُودِيّ كَمَا تَرَى يُطِيفُ بِالْحِصْنِ وَإِنّي وَاَللّهِ مَا آمنه أَنْ يَدُلّ عَلَى عَوْرَتِنَا مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ يَهُودَ وَقَدْ شُغِلَ عَنّا رَسُولُ اللّهِ وَأَصْحَابُهُ فَانْزِلْ إلَيْهِ فَاقْتُلْهُ، قَالَ: يَغْفِرُ اللّهُ لَك يَا ابنة عَبْدِ الْمُطّلِبِ ، وَاَللّهِ لَقَدْ عَرَفْت مَا أَنَا بِصَاحِبِ هَذَا، قَالَتْ: فَلَمّا قَالَ لِي ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ عِنْدَهُ شَيْئاً، احْتَجَزْت ثُمّ أَخَذْت عَمُوداً، ثُمّ نَزَلْت مِنْ الْحِصْنِ إلَيْهِ فَضَرَبْتُهُ بِالْعَمُودِ حَتّى قَتَلْته.
    قَالَتْ: فَلَمّا فَرَغْت مِنْهُ رَجَعْتُ إلَى الْحِصْنِ.
    فَقُلْت: يَا حَسّانُ انْزِلْ إلَيْهِ فَاسْلُبْهُ فَإِنّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ سَلَبِهِ إلا أَنّهُ رَجُلٌ.
    قَالَ: مَا لِي بِسَلَبِهِ مِنْ حَاجَةٍ يَا ابنة عَبْدِ الْمُطّلِبِ]. انتهى.

    قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، للانقطاع بين "عباد" وبين أحداث القصة.

    فخلاصة القول في هذين الطريقين المرسلين أنَّ الحديث ضعيف بمجموعهما، وقد ينازع البعض في تحسين الحديث بِهذين الطريقين، فنقول: لو صحَّ الحديث بمجموع هذين الطريقين، فليس فيهما ما يفيد إثبات أنَّ حساناً كان جباناً، بل ليس فيهما إلا أنَّ صفية أرادت من حسان أن يقتل رجلاً يهودياً يجلس على باب الحِصن، فأبى حسان أن يقتله، ولم نعرف سبب امتناعه، فقتلته صفية، وأرادت من حسان أن يسلبه فأبى أيضاً، إلى هنا انتهى ما في الطريقين المرسلين، فتناقل هذه القصة الكذابون والمجاهيل فأضافوا وغَيَّروا فيها، ليثبتوا هذه التهمة لهذا الصحابي الجليل، فواغوثاه بالله.
    ثانياً: أقوال المؤرخين والْمُترجِمِين الذين وصفوه بالْجُبن:
    إنَّ ما تناقله المؤرخون في وصف حسان بن ثابت بِهذه الصفة، ليس عليه دليل كما تقدم ذكره، ولكني أتعجب من تتابعهم على ذكر ذلك، وإليك بعض أقوالهم:
    قال هشام بن محمد بن السائب ال*****ي: [ حسان بن ثابت كان لسنا شجاعاً، فأصابته علة أحدثت فيه الجبن، فكان بعد ذلك لا يقدر أن ينظر إلى قتال ولا شهده]([16])
    وقال ابن سعد: [ ولم يشهد مع النبي مشهداً، وكان يجبن]([17])
    وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: [وقد كان حسان يجبن في آخر عمره]([18])
    وقال ابن قتيبة الدينوري: [لم يشهد مع النبي مشهداً، لأنه كان جبانا]([19])

    قلتُ: وهذا كلامٌ ساقطٌ، وافتراء على هذا الصحابي، ولا يوجد عليه دليل صحيح، وقد تتابع المؤرخون على نقل هذا الكلام، فواغوثاه بالله.

    خاتمة البحث
    1- لم يصح حديثٌ في إثبات أنَّ حسان بن ثابت كان جبانًا.
    2- لو نازع أحدٌ في إثبات القصة التي حدثت بين حسان وصفية - وذلك بمجموع الطريقين عن عروة بن الزبير وعباد بن عبد الله، فنقول: إنَّ مجموع الطريقين يدلّ على امتناع حسان مِن قتل اليهودي فقط، وليس فيهما بيان سبب امتناعه، فلا يصح أنْ نحملَ ذلك على الجبن.
    3- ما تناقله المؤرخون وأهل السير من وصف حسان بالجبن، هو اعتماداً على ما ذكروه من الروايات الباطلة والمنكرة.
    4- لو كان حسان جباناً كما يقولون لهجاه الشعراء بذلك، فإنه قد هجا قوماً فلم يهجه أحدٌ منهم بالجبن.
    قال الإمام أبو العباس المبرد: [وحُدِّثْتُ أنَّ الأصمعيَّ قال: الدليلُ على أنَّ حَسَّاناً لم يكن جباناً مِن الأصل أنّه كان يُهاجي خَلْقاً فلم يعيره أحدٌ منهم]([20]).انتهى.
    5- ما تناقله المؤرخون أنّ حساناً لم يشهد مع النبي مشهداً، فهذه دعوى لم يقم عليها دليل صحيح، ولا يجوز حمل ذلك - لو صحّت- على الْجُبن، لبطلان الأدلة على ذلك كما قدمنا، وأيضاً لو تخلّف حسان عن المشاهد جُبناً لَحَدَثَ معه مثل ما حدث مع الثلاثة الذي خُلِّفوا في غزوة تبوك.
    ولو صحَّت دعواهم في عدم شهوده المشاهد، فذلك لأنَّ حساناً حينما دخل في الإسلام كان عمره (60سنة)، فكان رجلاً كبيراً.
    6- وأخيراً أنصح إخواني بأنْ يبدؤوا بقراءة كُتُب السير والتواريخ التي تحتوي على الصحيح فقط، أما الكتب التي اشتملت على الصحيح والضعيف - دون تمييز بينها-، والذي لا يستطيع أن يُميز بينهما إلا أهل العلم، فهذه الكتب لا تصلح إلا للمتخصصين من أهل العلم.

    ـــــــــــ
    ([1]) ساقط من النسخة المطبوعة، والسياق يقتضيها.
    ([2]) "سير أعلام النبلاء" (8/517).
    ([3]) "تاريخ بغداد" (11/419-ط.دار الغرب الإسلامي).
    ([4]) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (5/178/833).
    ([5]) "تقريب التهذيب" (4752-ط.دار ابن رجب).
    ([6]) ذكره الحافظ في "تَهذيب التهذيب" (2/92)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
    ([7]) "تقريب التهذيب" (5815-ط.دار ابن رجب).
    ([8]) "المطالب العالية" (16/593).
    ([9]) في المطبوع: "أم جعفر"، والتصويب من مصادر التخريج.
    ([10]) في المطبوع: "أم فروة"، والتصويب من مصادر التخريج.
    ([11]) "تقريب التهذيب" (6686-ط.دار ابن رجب).
    ([12]) "تاريخ بغداد" (11/419-ط.دار الغرب الإسلامي).
    ([13]) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (5/178/833).
    ([14]) "تقريب التهذيب" (4752-ط.دار ابن رجب).
    ([15]) "تَهذيب التهذيب" (9/363-368).
    ([16]) "تاريخ دمشق" (12/433).
    ([17]) "الطبقات الكبرى" (4/322).
    ([18]) "تاريخ دمشق" (12/429).
    ([19]) "الشعر والشعراء" (1/305-ط.دار المعارف).
    ([20]) "الفاضل" لأبي العباس المبرد (ص13-ط.دار الكتب المصرية).


    نقلاً عن الأخ الفاضل أحمد بن سالم المصري جزاه الله خيراً


    المصدر: ملتقى أهل الحديث
    http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=215188
    avatar
    عبدالعزيز الشهراني 6
    من كبآر العلمآء
    من كبآر العلمآء


    المساهمات : 839
    تاريخ التسجيل : 10/10/2013

    الدفاع عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه Empty رد: الدفاع عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه

    مُساهمة من طرف عبدالعزيز الشهراني 6 الأربعاء أكتوبر 23, 2013 11:49 pm

    مشكووووووور
    يونس الجعيدي ش 20 س37
    يونس الجعيدي ش 20 س37
    من كبآر العلمآء
    من كبآر العلمآء


    المساهمات : 489
    تاريخ التسجيل : 03/10/2013
    العمر : 26
    الموقع : الرياض \ خنشليلة

    الدفاع عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه Empty رد: الدفاع عن الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه

    مُساهمة من طرف يونس الجعيدي ش 20 س37 الأربعاء أكتوبر 23, 2013 11:54 pm

    جزاك الله خير

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 3:52 am