الحمد لله رب العاليمن، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، يقول تعالى:" إلى الله مرجعكم جميعا ثم ينبئكم بما كنتم تعلمون."، " كل ابن أنثى مهما طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول". من هدي النبي صلى الله عليه أفضل الصلاة وأتم السلام إقامة الصلاة على الجنازة مباشرة قبل الدّفن، ثم بعد ذلك يؤخذ الميت إلى مآل الإنسان الأخير ألا وهو القبر؛ حيث اللّحد الذي هو الميل في طرف القبر، والشق في وسط القبر؛ وكان الرّسول يوصى حافر القبر بتوسيع المنطقة عند الرأس والقدمين لعل الله يوسع عنه، فمن لم يتّخذ من الموت واعظاً، فما له من واعظ؛ فالقبر تورية وحفظ لجثة الإنسان، وحفظه من الإعتداء، فيكون في الأرض شق فلا يضير أن يكون الدفن على رمل أو طين؛ ففي دفن الميت إكرام له؛ فحكم دفن الميت فرض كفاية لا فرض عين، أي إذا قام به مجموعة من المسلمين سقط عن الآخرين. قبل دفن الميت لابد من عدّة أمور يفعلها أهل الميت لتجهيزه، فلابد أولاً من إغلاق عينيه بعد الموت وأن يليّنوا مفاصله كي لا تتصلّب، ويوضع ثقل على بطنه حتى لا ينتفخ، ويغطى ويستر تماماً، ثم يعجّل بالغسل، فأولى النّاس في غسل الميت أوصياؤه؛ وحرّم غسل الكافر أو تارك الصلاة وكذلك حرّم الصلاة عليهم ودفنهم في مقابر المسلمين؛ أمّا في حال وفاة رجل بين النّساء أو امرأة بين الرجال فلا يغسل بل ييمّموه؛ ودليل وجوب غسل الميت ما جاء عن ابن عباس عن رسول الله:"اغسلوه بماء وسدر"؛ ويستحب الغسل بماء بارد، ثم يكفن ويطيب بالكافور أو مسك أبيض أو أسود لا فرق. ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يسلّ الميت من جهة مؤخرة القبر، وكان الذي ينزل في القبر يقول بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يبدأ وضع الميت في القبر تدريجياً، ومن ثم فيما ورد عن عمر أن يكشف وجه الميّت ويوضع خدّه على التراب، لكن لم يرد عن النبي أي شيء بهذا الخصوص؛ ثم يصفصف على الميت، ويدار وجهه نحو القبلة ويفك عنه كافّة الأربطة، ويكون رأسه في مقدّمة القبر وقدميه في مؤخرته، ثم يوضع اللّبن على القبر ويغلق، ثم يبدأ برمي التّراب عليه. وأخيراً من السّنن المتّبعة بعد الدّفن أن يكون القبر مرفعاً عن الأرض بعض الشيء بقدر شبر أو بما يساويه، ولا بأس من وضع شاهد على القبر؛ ثم يتم الدعاء له بعد إتمام عملية الدّفن من قبل الحاضرين بالثبات والاستغفار، لأنّ الميت يكون في موضع سؤال وحساب؛ وممّا نهى عنه النّبي صلى الله عليه وسلم أن يوضع على القبر جص أو بناء، أو أن يكتب عليها على حد سواء؛ ثم يغادر الموجودين للتواجد في دار العزاء لقبول التعزية من المعارف والأصدقاء.